قال كاتب فرنسي إن قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بحل الجمعية الوطنية يوضح كيف يحكم رئيس لا يثق إلا بنفسه، وكيف تخلى عنه أصحاب الثقل في أغلبيته اليوم – بعد 7 سنوات من الحكم بلا منازع.
وفي عمودها بصحيفة لوموند، أوضحت سولين دي روير كيف بدا ماكرون متعبا على متن الطائرة التي أعادته من جزيرة السين (فينيستير)، حيث احتفل بالذكرى الـ84 لنداء الجنرال شارل ديغول، متسائلة عما يفكر فيه. بهذه اللحظة؟ وبعد أن فجّر المشهد السياسي الفرنسي، ووجدت أغلبيته نفسها في حالة يرثى لها، بدا نواب حزبه يكافحون من أجل البقاء السياسي، وأصبحوا عالقين بين اليمين المتطرف المتقدم في استطلاعات الرأي، واليسار.
ومنذ صدور القرار، يكافح ماكرون للدفاع عنه، وصرخ أمام الصحفيين المدعوين إلى حفل الغداء في جزيرة السين: “إنه ليس قرارا معزولا”، على الرغم من أن هذا هو بالضبط ما يلومه أنصاره وحلفاؤه. له ل.
الهروب إلى الأمام
ويعتبرون القرار هروباً إلى الأمام، ومتغطرساً وغير حكيم، ومحفوفاً بالمخاطر، وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل الأغلبية المطلقة للجمعية الوطنية اليمينية المتطرفة، وهي غرفة لا يمكن السيطرة عليها، وغياب الرقابة. التعايش أم شلل النظام.
وبعد 7 سنوات من السيطرة بلا منازع على معسكره -بحسب الكاتب- يجد ماكرون نفسه موضع انتقادات وتحديات شديدة، حتى أن أصحاب الثقل أسقطوه من أغلبيته، وسجل رئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب انفصاله عنه بغضب على على الهواء مباشرة، متهماً إياه بـ”قتل الأغلبية”.
وفي اليوم نفسه، وصف وزير الاقتصاد برونو لومير مستشاري الإليزيه بـ”قمل الخشب”، وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانين إنه لن يبقى وزيرا “يوما واحدا” بعد الانتخابات التشريعية إذا هُزمت الأغلبية، وحتى رئيس الوزراء غابرييل أتال وعد بذلك. وسيكون هناك «ما قبل وبعد ممارسة السلطة وتوازن المؤسسات» في حال انتخابه.
وأشار الكاتب إلى أن ماكرون ظل وحيدا في وجه الجميع منذ وصوله إلى السلطة، مؤمنا بقدرته على الخروج وحيدا من الأزمات الشائكة، ما جعله يعيش “منعزلا بسبب يقينه بموهبته” وإحساسه بالتفوق. والعصمة، على حد تعبير المؤرخ وعالم الاجتماع بيير روزانفالون.
قرار مجنون
وفي هذا «القرار المجنون» بحل الجمعية، تتلخص إدارة ماكرون برمتها – بحسب سوليان دي روايه – في أنه وجد نفسه وحيدا في مواجهة «شعبه» وخلق فراغا حوله، متجاوزا الهيئات الوسيطة، وإضعافا. الأحزاب القديمة دون بناء بديل لها، مما حرمه من رفاق بالثقل السياسي المطلوب.
وفي الحكومات التي عينها، عمل ماكرون دائما على ضمان ألا يبرز أحد، وكان يرفض دائما التحالف مع اليمين لأنه غير قادر على تقاسم السلطة، بسبب ثقته المفرطة في نفسه وحده. فلماذا لا يستطيع، الذي أراد دائمًا أن يحكم بمفرده، أن يسعى ببساطة إلى أن يجد نفسه أخيرًا وحيدًا تمامًا في القمة، في مواجهة جمعية مجزأة؟
هناك شيء من الإمبراطور نابليون بونابرت في ماكرون، كما يقول المؤرخ فنسنت مارتيني، “رجل وحيد يحتاج إلى العمل والفتوحات العسكرية من أجل البقاء، مغامر ينطلق في رحلة مجنونة قبل أن تنتهي في واترلو”.
وبدأت مغامرة ماكرون بمفرده في قاعة نابليون بمتحف اللوفر على أنغام النشيد الأوروبي «نشيد الفرح»، ويبدو أنه سينهي ولايته كما بدأها، على حد تعبير الكاتب.