من وحي روح رواية “المتجول” لفالتر بنيامين، أدعو القراء إلى القيام برحلة عبر تاريخ المجتمع الفلسطيني، الذي شهد تحضرًا مكثفًا في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين. وبما أن هذا التاريخ لم يُكتب بالكامل بعد بسبب تدمير الأرشيف، فإن البحث عن آثار الحضور الحضري سيتم من خلال تقنية التقاط القصص وشظايا الشهادات حول الروابط والعلاقات الاجتماعية التي بدأت تتبلور، وخاصة التغييرات التي طرأت على وضع المرأة والعلاقات الجندرية في الواقع الحضري الناشئ. يسلط الكتاب الضوء على الخيارات الجديدة المتاحة للنساء في الفضاءات الحضرية، ويستعرض بعض الصور والقصص التي وثقتها أبحاثي، والتي تظهر فيها المرأة حاضرة في الفضاءات العامة. خلال جولتنا، سنزور العديد من المساحات والساحات والمواقع التي وفرتها المدينة لسكانها، وخاصة النساء. وسنتناول في هذا البحث عشرات الصحف الصادرة في المدن الفلسطينية (تجاوز عددها الإجمالي 200 صحيفة خلال فترة البحث)، والتي تناولت عدداً كبيراً من المواضيع، مثل السياسة، والشؤون الجارية، والطبقات، والدين، والقانون، والاقتصاد، والزراعة، والطب، والثقافة، والأدب، والسينما. كما سنكشف ـ ولو جزئياً ـ عن مشاركة النساء، وخاصة المتعلمات، في الخطاب العام من خلال النشر وكتابة التقارير والمقالات والردود، وأحياناً التحرير، وحتى من خلال مشاركتهن في نقاشات عامة ثاقبة. وسنبحث في مدى نجاح النساء في خلق مساحات للكتابة والخطاب النسوي في صحف تلك الفترة، وكيف أدت الأنشطة الاحتجاجية التي قامت بها النساء إلى غضب من حولهن، مثل نزع الحجاب في الأماكن العامة. وسنشير أيضاً إلى مشاركة الرجال في نقاشات وقضايا النوع الاجتماعي، ونتساءل كيف عكست هذه النقاشات نقاشات “النوع الاجتماعي المهيمن” ـ وهو النقاش الذي أدى إلى تصدع في الهيمنة الذكورية وخلق شرخاً دخلت من خلاله النساء إلى ساحة النقاش العام، كما حدث في بلدان استعمارية أخرى. من المناقشات حول وضع المرأة، سننتقل إلى ممارسات النساء الفعلية في المدينة. سنستعرض عددًا من المنظمات العديدة والمتنوعة التي أنشأتها النساء في المدن: المنظمات السياسية القومية، ومنظمات الرعاية الاجتماعية، والمنظمات الطلابية النسائية، ومنظمات العمال، والمنظمات العسكرية والسرية. كانت الإيديولوجيات التي تقف وراء هذه المنظمات متنوعة وغير منسقة تمامًا. من بين هذه الممارسات نجد النقابات المهنية، والمجموعات النسوية، والنساء اللواتي عملن أيضًا بشكل فردي. منار حسن محاضرة وباحثة وناشطة نسوية. تعمل في جامعة بئر سبع، المعروفة بجامعة بن غوريون، في برنامج دراسات النوع الاجتماعي. |موقع قفشات
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.